المعجزة
فى ا لغة : ما أُعجز به الخصم عند
التحدي (القاموس المحيط) وهي أمر خارق للعادة يعجز
البشر
متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله يجعله الله على يد من يختاره لنبوته ، ليدل على صدقه وصحة
والقرآن الكريم كلام الله المنزل على محمد
صلى الله عليه وسلم هو المعجزة العظمى الباقية على مرور الدهور
والأزمان ، المعجز للأولين والآخرين إلى قيام الساعة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ما من
الأنبياء نبي إلا أُعطي من الآيات على ما مثله آمن البشر ، وإنما كان الذي
أوتيته وحياً (أوحاه الله إليّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم
القيامة (رواه البخاري : كتاب فضل آيات القرآن) ، (ومسلم ، كتاب الإيمان.
وليس المراد في هذا
الحديث حصر معجزاته صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم ، بل المراد
أن القرآن الكريم هو المعجزة التي اختص بها دون غيره ، لأن كل نبي أعطي معجزة
خاصة به ، تحدى بها من أُرسل إليهم ، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه ،
ولهذا لما كان السحر فاشياً في قوم فرعون ، جاءهم موسى عليه السلام بالعصا على
صورة ما يصنع السحرة ، لكنها تلقف ما صنعوا ، ولم يقع ذلك بعينه لغيره
.
ولما كان الأطباء في غاية
الظهور ، جاء عيسى عليه السلام بما حيّر
الأطباء من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، وكل
ذلك من
جنس عملهم ولكن لم تصل إليه قدرتهم.
ولما كانت
العرب أرباب الفصاحة والبلاغة والخطابة ؛ جعل الله
عز وجل معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القرآن
الكريم
الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل حكيم حميد) (فصلت:42) .
وتتميز
معجزة القرآن الكريم عن سائر المعجزات ؛ لأنه حجة
مستمرة
باقية على مر العصور ، والبراهين التي كانت للأنبياء انقرض زمانها في حياتهم ولم يبق منها إلا الخبر عنها ، أما القرآن الكريم فلا يزال الحجة
البالغة ، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: [ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم
القيامة ]
والقرآن الكريم آية بينة ، معجزة من وجوه
متعددة من جهة اللفظ ، ومن جهة النظم والبلاغة في دلالة اللفظ على
المعنى ، ومن جهة معانيه التي أمر بها ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه
وصفاته وملائكته ، وغير ذلك من الوجوه الكثيرة التي ذكر كل عالم ما فتح الله عليه
به منها ، ومن وجوه الإعجاز في القرآن الكريم .
الإعجاز
البياني والبلاغي
من الإعجاز القرآني ما اشتمل عليه من البلاغة
والبيان والتركيب المعجز ، الذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله
فعجزوا عن ذلك قال تعالى : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل
هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ) (الإسراء:88 )
(وقال تعالى : (أم
يقولون تقوّله بل لا يؤمنون ، فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين)
(الطور:33-34
فلم يستطيعوا الإتيان
بمثله - وأنى
لهم ذلك - ولم يكونوا من الصادقين :
وتحداهم أن يأتوا بعشر
سوره مثله.. (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سوره مثله مفتريات وادعوا
من استطعتم من دون الله إن كنتم (صادقين) (هود:13)
.
وعجزوا أيضاً عن ذلك : فأفسح لهم في التحدي
[وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ،
وادعوا شهداءكم [من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي
وقودهاالناس والحجارة أعدت للكافرين ( ا لبقرة:23-24(
وثبت التحدي في هذه الآية للعرب
المعاصرين
لنزول القرآن الكريم ولمن يأتي بعدهم إلى آخر الزمان
وأكد
التحدي ، وقطع بعجزهم حيث قال : (قل
لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا
يأتون
بمثله ، ولو كان (بعضهم لبعض ظهيراً) (الإسراء:88
الإخبار عن الغيوب
مما
يدل على أن القرآن الكريم معجزة من عند
الله
العلي القدير ، أنه اشتمل على أخبار كثير من الغيوب التي لا علم لأحد من المخلوقين بها ، ولا سبيل لبشر أن يعلمها
والإخبار بالغيب أنواع
النوع الأول
: غيوب الماضي ، وتتمثل في قصص الأنبياء والسابقين وأقوامهم ، وما أخبر به الله عن
ماضي الأزمان وبداية الخلق
النوع الثاني
: غيوب الحاضر : حيث أخبر
الله عز وجل رسوله الكريم صلى
الله عليه وسلم بغيوب حاضرة مثل كشف أسرار المنافقين ،
والأخطاء
التي وقع فيها بعض المسلمين ، أو غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله وأطلع عليه رسوله صلى الله عليه وسلم
النوع
الثالث : غيوب المستقبل ، أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأمور لم تقع
، ثم وقعت كما أخبر ، وعلى أمور سوف تحدث في الأزمان والقرون التالية والتي سوف
تأتي بعد ذلك ، مما يجتهد العلماء في فهمه وتأويله
الإعجاز
التشريعي
جاء القرآن الكريم لهداية
الإنس والجن، على أن يتبعوه ويعملوا بتشريعاته ، التي تفي بحاجات جميع البشر في كل
زمان ومكان، لأن الذي أنزله هو العليم بكل شيء ،خالق البشر ، الخبير بما يصلحهم
وما يفسدهم ، وما ينفعهم وما يضرهم ، فإذا شرع أمراً جاء (في أعلى درجات الحكمة
والخبرة ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) (الملك:14)
ويزداد الوضوح عند التأمل في أحوال الأنظمة
والقوانين البشرية التي يظهر عجزها عن معالجة المشكلات البشرية ومسايرة
الأوضاع والأزمنة والأحوال ، مما يضطر أصحابها إلى الاستمرار في التعديل
والزيادة والنقص ، فيلغونَ غداً ما وضعوه اليوم ، لأن الإنسان محل النقص
والخطأ ، والجهل بأعماق النفس البشرية ، وبما يحدث في أوضاع
الإنسان وأحواله المختلفة ، وبما يصلح البشرية في كل عصر ، فهذا هو الدليل
الحي الشاهد على عجز جميع البشر عن الإتيان بأنظمة تصلح الخلق وتقوم أخلاقهم ،
وعلى أن القرآن الكريم كفيل برعاية مصالح العباد دون خلل . وهدايتهم إلى كل ما
يصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة إذا تمسكوا به واهتدوا بهديه
قال تعالى : [إن هذا القرآن يهدي
للتي هو أقوم ويبشر ا لمؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا
المصدر : منتدى مدينة القرين